الطيار صالح العولقي.. من معدل 92٪ في الثانوية العامة إلى الغرور فالنجومية
أنباء عدن السبت 09 أغسطس 2025 07:26 مساءً

كتب / أكرم الحاج
في أمسية تلفزيونية استثنائية، أطلت علينا قناة السعيدة الفضائية عبر حلقة من الجزء الثاني من برنامج "بودكاست النجوم"، استضافت خلالها أحد أبرز وجوه الدراما اليمنية، الفنان صالح العولقي، صاحب شخصية "مقناص" الشهيرة التي جمعت بين الشر والخير في مسلسل دروب المرجلة بجزأيه.
في حديث شيّق، امتزجت فيه الذكريات بالعِبر، كشف العولقي تفاصيل مسيرته التي لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والكدّ. نشأ طفلًا وحيدًا بين شقيقاته، عاش الغربة، ثم عاد إلى اليمن لينكبّ على دراسته، محققًا معدل 92٪ في الثانوية العامة، قبل أن تتوقف مسيرته التعليمية برحيل والده.
برحيل السند، تهاوت الأحلام. كان يحلم أن يكون طيارًا، وكان يقطع المسافات إلى مطار صنعاء الدولي فقط لمشاهدة إقلاع الطائرات وهبوطها، وكأنه يحلّق بأحلامه معها. لكن القدر قاده إلى مسؤوليات تفوق عمره، فتزوّج وهو في الخامسة عشرة ليصبح رب أسرة بدلًا من فتى مراهق.
رزقه الله بستة أبناء وبنات، أكبرهم عبد الكريم وأصغرهم محمد، وبينهما صفحات من الكفاح. بدأ العمل حارسًا في فندق من الدرجة الأولى، ثم في مصنع، وبعدها تاجر سيارات، ثم موظف شباك تذاكر في إحدى دور السينما بصنعاء. لم تكن المهنة تهمه بقدر ما كان يهمه إعالة أسرته.
التمثيل لم يكن ضمن حساباته، حتى جاءت الصدفة حين التقى الممثل فهد القرني، الذي رشحه بعد وفاة شقيق الفنان صلاح الوافي ليكون مصحح لهجة في مسلسل همي همك للمخرج العراقي فلاح الجبوري. لكن القدر تدخّل مجددًا، ليحل محل أحد الممثلين ويجسد شخصية الشيخ راشد في الجزء الخامس، وهنا بدأت الحكاية.
انفجرت شعبيته وتحول من بائع تذاكر إلى نجم تلفزيوني، لكنه يعترف بشفافية أن الغرور أكل منه وأبعده عن أحبته، وقدم اعتذارًا علنيًا على الهواء لكل من أخطأ في حقه أو تجاهله.
غاب عن الشاشة تسع سنوات، كانت فترة غوص داخلي ومواجهة مع البطالة، التي وصفها بطريق الانحراف. وخلال تلك الفترة افتتح مستوصفًا طبيًا في البيضاء لأخته الطبيبة، قبل أن تعود به الأقدار إلى صنعاء عام 2023.
من محطات حياته البارزة، خلافه مع الفنان صلاح الوافي الذي دام تسع سنوات، قبل أن يُصلح الخلاف حادث اعتداء على ابنه محمد، وتدخل المحامي باسم الجماعي، وصولًا إلى مكالمة ودية من الوافي، أعادت المياه لمجاريها، في مشهد مليء بالشّهامة والمغفرة.
عاد العولقي إلى الدراما من بوابة دروب المرجلة حين رشحه صلاح الوافي لدور "مقناص"، فوجد المخرج وليد العلفي فيه النجم المناسب. جسد الشخصية ببراعة، مجسدًا الغلظة والتوبة، الجبروت والحنان، ليجد صداها الواسع لدى الجمهور. ويقول: "مقناص الشر في الجزء الأول، ومقناص الخير في الجزء الثاني… يشبهني، وبعد الغرور جاء التواضع، وكل لطمة علّمتني درسًا".
ورغم الشائعات حول توسطه لأبنائه للمشاركة في العمل، نفى العولقي ذلك، مؤكدًا أن إتقانهما للهجة البدوية هو سبب اختيارهما. أما محطته الأجمل فكانت زواج ابنه عبد الكريم عام 2023، الذي أعاده بذاكرته لزواجه المبكر.
عن الشهرة، يقول إنها سلبته خصوصيته، لكنها منحته حب الناس، موجهًا لجمهوره رسالة: "أنتم عصابة راسي". ويختم بحب وامتنان لأمه وشقيقاته وأقاربه وزوجته التي لقبها بـ"أم الرجال"، ولأبنائه وبناته وأحفاده، قائلًا: "أنتم من صنعتوني، فلكم قبلة على خشم كل واحد فيكم".
هكذا هي حكاية صالح العولقي… رجل عبر من شوك المسؤولية إلى نور الشهرة، ومن هاوية الغرور إلى قمة التواضع، فاستحق أن تُروى.
.