من نحن | اتصل بنا | الجمعة 15 أغسطس 2025 08:25 مساءً

الأخبار

نحّالو اليمن.. من مرارة الحرب إلى صدمات المناخ

أنباء عدن: الخميس 07 ديسمبر 2023 10:52 صباحاً
 
 
عبداللاه سُميح - إرم نيوز:
بعد نحو 7 سنوات من العمل الدؤوب، وجد النحّال اليمني، فريد العولقي، نفسه مضطرًا إلى ترك مهنته التي كان يرنو إلى ممارستها فعليًا بكل شغف، رغم مشاقّها ومتطلباتها المضنية في التنقّل والترحال بين معظم مناطق البلد، بحثًا عن مرعى مناسب أو رحيق أشجار معينة، يسهم في جودة إنتاجه من العسل اليمني، ذائع الصيت إقليميًا.
 
لم يكن العولقي ذو الـ39 عامًا، القادم من مديرية نصاب، جنوب غرب محافظة شبوة، محظوظًا في انطلاق رحلته مع تربية النحل، التي سبقت اندلاع الحرب اليمنية، بعدة أشهر فقط.
 
ورغما عن ذلك، استمر في عمله وتنقلاته بين مناطق البلد المتعددة تضاريسَ وبيئةً، وفق خبرته التي اكتسبها من أقاربه على مدى العقود الماضية، متسلحا بالصبر والثبات، في مواجهة الأوضاع الأمنية المضطربة وقساوة الطبيعة المتزايدة، آملًا أن يكون كل ذلك مجرد تحديات مؤقتة.
 
يقول فريد في حديثه الخاص لـ"إرم نيوز"، إن الأوضاع المتفاقمة في البلد على الصعيدين: الأمني والاقتصادي، واستمرار الحرب، أجبرته على بيع نحله بسعر زهيد، بسبب عدم مقدرته على التنقل بسلاسة بين مناطق المرعى، التي تعتبر من أساسيات إنتاج العسل، إضافة إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي حدّت من تحركاته، واستمرار حالة التدهور في الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار مستلزمات تربية النحل، فضلًا عن عدم وجود التسويق الملائم للمنتج، بشكل يقدّر قيمته.
 
وكانت سنواته السبع العجاف، سببًا كافيًا للتنازل عن حلمه الموءود، في ممارسة عمله كمربٍ للنحل، وأدرك أن الوقت ليس المناسب لمهنته المفضّلة التي استنزفته ماديًا، ليلتحق خلال العام الماضي، بالسلك العسكري، علّه يجد ما يسدّ رمقه، ويطفئ جوع أفراد أسرته المكونة من 6 أشخاص.
 
وتعتمد نحو 100 ألف أسرة يمنية، على تربية النحل كمصدر دخل وحيد، تنتج من خلاله قرابة 1500 طن من العسل سنويًا، وفق تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، العام الماضي.
 
اضطراب النحل والتغير المناخي
 
على الجانب الشمالي من البلاد، وتحديدًا في محافظة عمران، يقلّب النحّال، العمّ "يحيى" يديه بحيرة، وهو يفكّر في كيفية تسديد ديونه المتراكمة، ومتطلبات المعيشة، في ظل حالة اليأس التي باتت تغمره، وهو يشاهد تقلّص عدد خلاياه البالغة 250 خلية، وتضاؤل إنتاج مناحله من العسل.
 
يشير العمّ الستيني، في حديثه الخاص لـ"إرم نيوز" إلى أن التغيّرات المناخية كارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الأمطار فترات طويلة وهطولها بشكل مفاجئ في غير موعدها، أوقفت النحل عن إنتاج العسل وتسببت باضطرابه؛ ما أدى إلى تكبده خسائر مادية، بعد أن كانت مهنته كنحّال تدرّ عليه دخلًا ماديًا يكفي لإعالة 14 فردا، هم عدد أفراد أسرته.
 
ويشكو الرجل، من انتشار استخدام المواد الكيميائية التي يتم رشّها على النباتات لمكافحة الآفات والحشرات الضارّة، وهو ما قال إنها "سمّ قاتل"، تكالب عليه مع ظروف البلد الحالية، وبالتزامن مع تأثيرات المناخ واضطراباته، ليقضي ذلك الثلاثي على قرابة ثلثي نحله، وهو ما جعله يقرر إيقاف تنقلاته والعودة إلى مديريته حوث، شمالي عمران، ويستدين مبلغًا إضافيًا من المال، للحفاظ على ما تبقى لديه من الخلايا، في ظل تعدد الأوضاع المتفاقمة.
 
وحذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في يوليو الماضي، من اضطرابات في النظام الإيكولوجي للنحل في اليمن؛ ما يؤدي إلى تراجع عمليات التلقيح، نتيجة ارتفاع رقعة التصحر على حساب الأراضي المزروعة والنباتات المزهرة التي يعتمد عليها النحل في تغذيته، إضافة إلى التأثيرات الكبيرة للمناخ والصراع.
 
نقطة انهيار وترك المهنة
 
ويقول الخبير في مجال تربية النحل، عايش الأهدل، إن التقلبات المناخية المتلاحقة، التي يشهدها اليمن، أثّرت بشكل كبير على مهنة النحالة وإنتاج العسل، ودفعت الكثير من النحّالين اليمنيين إلى نقطة الانهيار وترك المهنة، بسبب الخسائر التي تكبدوها، وعدم مقدرتهم على الصمود لموسم آخر.
 
وأشار الأهدل في حديثه الخاص لـ"إرم نيوز"، إلى أن هطول الأمطار قبل المواسم الفيضية، "يُحدث حركة ممتازة للنحل وخلاياه، ويحفّزها للتجييش والاستعداد للموسم، وذلك لصالح النحّال والعسل اليمني، لكن في الجانب المعاكس، تكون هناك اضطرابات جوية تتسبب بهطول أمطار في المواسم الفيضية؛ ما يؤدي إلى انحصارها وغسل الأمطار الزهيرات وتسببها في تلف الأشجار، وينتج عن ذلك قلة المحصول، وهذا ما حدث بمناطق كثيرة في اليمن".
 
وقال إن إعصار "تيج" الأخير، الذي ضرب المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد، أواخر أكتوبر الماضي، أثر سلبًا على الزهور الفاتحة لأشجار السدر، وأدى ذلك إلى محصول متوسط أو أقل من المتوسط لهذا العام في بعض المناطق، وكان ضعيفًا جدًا في مناطق أخرى.
 
 
وأضاف أن النحّال يستعد على مدار العام الكامل للموسم، لكن حدوث مثل هذه المنخفضات المفاجئة، يفقده كل جهده وماله المبذول على مدار العام، ويجعله يتخلى عن المهنة، وذلك ما حدث خلال العقد الأخير الذي كثرت فيه التقلبات المناخية، في ظل غياب الدعم والإسناد للنحالين المتأثرين.
 
وتطرق الأهدل، إلى الآثار السلبية التي أفرزتها الحرب، والتي يأتي في مقدمتها إغلاق المنافذ ووضع اشتراطات صعبة لدخول العسل اليمني بكمياته التجارية إلى دول الإقليم والعالم؛ وهو ما جعل العسل يتكدس في الأسواق المحلية التي تواجه ضعفًا في القدرة الشرائية لدى المواطنين، ويتسبب في هبوط أسعاره بشكل حاد.
 
مشيرًا إلى الجوانب الأمنية المضطربة التي تحول دون تمكّن النحالين من الوصول إلى بعض المناطق الرعوية الممتازة، وتكدسهم في مناطق أخرى معينة، بأعداد كبيرة؛ ما يرفع الحمولة الرعوية ويزيد حجم الضغوط عليها.
 

.

 
المزيد في الأخبار
    عدن – محمد القادري   اطلع مدير عام مديرية المنصورة بعدن، أحمد علي الداؤودي، على المساحة المخصصة لإنشاء مركز سوء التغذية للأطفال في بلوك (10)، الممول من
المزيد ...
لطالما ارتبطت عدن، المدينة الساحلية العريقة، بعاداتها الأصيلة التي حملت معها عبق التاريخ وأصالة المكان, ومن بين هذه العادات ما يتعلق بالمشروب الأكثر ارتباطاً
المزيد ...
  استقبل مطار عدن الدولي، اليوم، طائرة جديدة انضمت رسميًا إلى أسطول شركة طيران اليمنية، في إطار خطط الشركة لتحديث أسطولها وتحسين خدماتها الجوية.   وقالت إدارة
المزيد ...
 عن صفحة عبدالرحمن أنيس   تمكنت الأجهزة الأمنية في العاصمة عدن، أمس، من إلقاء القبض على مسلح احتجز زوجته داخل منزله في مديرية المنصورة، مهددًا بتفجيرها بواسطة
المزيد ...
 
 
أختيار المحرر
بودابست - انطباعات زائر الحلقه الاولى
بانوراما الأداء الجنسي للرجال.. أسباب تراجعه وكيفية الحفاظ عليه
أحمد سويد ينحت معالم المكلا ليصبح هو من معالمها!
من التهام الطعام بسرعة إلى الإضافات الضارّة بالقهوة.. خبراء: 6 عادات صباحية تمنع إذابة دهون البطن
آخر الأخبار
الأكثر قراءة
مقالات
    المتابع والمتأمل الجيد للمشهد الاقتصادي في عدن والمناطق المحررة يدرك أن الأوضاع التي نشكر عليها
    في البداية تخوف الجميع من أي ارتداد قد يحدث في سعر صرف العملة المحلية، في ظل عدم نشر خطة إصلاحات
    هنا.. وليس في أي مكان آخر، الأمر مختلف تماما. دول كثيرة، سبقتنا بآلاف السنين الضوئية، لم تصل إلى ما هي
    عشر سنوات من الحرمان، من الذل، من العوز.. شعب مغلوب على أمره، تضور جوعا، وعانى الأمرين. تمت مصادرة حقه
    ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية في سعر صرف الريال اليمني أمر محير للغاية، ومخالف لجميع ابجديات
اتبعنا على فيسبوك
جميع الحقوق محفوظة لـ [أنباء عدن-إخباري مستقل] © 2011 - 2025