من نحن | اتصل بنا | الجمعة 15 أغسطس 2025 08:25 مساءً

اخبار وتقارير

مشروب موريتانيا الأول.. مؤانسة وإمتاع في "الجيمات الثلاث"

انباء عدن الاثنين 02 نوفمبر 2020 07:52 صباحاً
لا يتفق الموريتانيون على شيء قدر اتفاقهم على الشاي، فالـ"أتاي" كما يطلق عليه محليا هو المشروب الشعبي في أرض المليون شاعر، حيث لا يكاد يخلو بيت من "مواعين" وجماعة تتحلق حول "القيّام"، وهو الشخص الذي يصنع الشاي.
ومنذ عرف الموريتانيون الشاي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، رافقت شربه طقوس وعادات متنوعة، منها اشتراط ما يسمى "الجيمات" الثلاث.
وتشير كلمة "الجيمات" إلى 3 أحرف "ج"، هي الحروف الأولى من كلمات "جماعة" و"جمر" و"جر".
الجيم الأولى من الجماعة، فلا يطيب شراب شخص أو اثنين بل ينبغي أن تزيد الجماعة على ذلك، وأن تضم ظرفاء ومثقفين لتتحقق فيها الصفة المطلوبة.
أما الجيم الثانية فمن الجمر، حيث إن طريقة تحضير الموريتانيين للشاي تقتضي طهيه جيدا حتى تنضج العصارة، ويفضل أن يكون ذلك على نار هادئة ويجدد لها الجمر كلما خبا، ومع أن استخدام مواقد الغاز بدلا من الفحم أصبح هو القاعدة، فلا يزال البعض يصر على جيم الجمر كلما أتيح له ذلك.
والجيم الثالثة من الجر، وتعني تطويل مدة الشاي، ليتسنى الحديث بين كل دورة وأخرى.
"أتاي رمز وطني ومكون أساسي من مكونات الثقافة لدينا" حسبما يقول سيد البكاي، وهو موظف في العقد الخامس.
ويضيف متحدثا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن أحد المستشرقين كان يطلق على الإدارة الموريتانية الوليدة "إدارة كؤوس الشاي".
وبغض النظر عن رمزية هذا اللقب وما يحيل اليه من سخرية يتصورها الكاتب ويرجعها إلى عدم الخبرة وقلة الملفات، فإنها كانت ولا تزال تشكل أصدق تعبير عن تعلق الانسان الموريتاني بالشاي.
والشاي ليس مجرد مشروب يحتسيه المرء ليبعث فيه النشاط أو يعينه على مقاومة برد الصحراء، بل هو مناسبة للسمر وتبادل الأحاديث والنوادر بين الكأس والأخرى، وقد كان الشاي في بداية أمره يدور على المجلس 4 دورات، لكنه استقر في نهاية الأمر على 3 دورات أو كؤوس.
إدمان جماعي
ويعتبر شرب الشاي الأمر الأكثر أهمية والعادة الأقوى في حياة الموريتانيين، فلا يمكن الاستغناء عن "أتاي الصباح" بنكهة النعناع المنعش، وأي اختلال في هذه العادة يترتب عليه صداع يصاحبه فتور ونعاس أحيانا، وهو ما يسميه أبناء موريتانيا "آتري" أو "آدواخ".
"إذا لم أشرب الشاي في الموعد المحدد فلن أستطيع عمل شيء في ذلك اليوم"، حسبما تقول نفيسة، وهي ربة منزل عمرها 35 عاما، متحدثة لموقع "سكاي نيوز عربية".
وتضيف: "أحيانا أكون وحدي فلا أجد الرغبة في أن أشرب الشاي وحدي. فأستدعي إحدى الجارات أو انتظر رجوع الأولاد من المدرسة".
ولا فرق في شرب الشاي بين الرجال والنساء ولا بين الشباب والكبار، لكن يستثنى الأطفال في الغالب من شربه بشكل دائم.
وتتحد عادات الشاي بين مختلف أعراق المجتمع الموريتاني، حتى إنه لا يعرف من أخذ هذه العادات من الآخر.
ويستهلك الموريتانيون الشاي بمعدل 3 مرات يوميا، وقد بلغت واردات البلاد من الشاي عام 2018 حسب إحصائيات رسمية، 18500 طن، وتبلغ قيمتها المالية ما يزيد على 30 مليون دولار.
"أتاي" بين الشرع والشعر
وأثار ظهور الشاي في المجتمع الصحراوي ريبة البدو، فـ"الورقة" المستجلبة من الصين عن طريق الإنجليز لا تبعث على الاطمئنان، والمجلس والكؤوس وما يلي ذلك من إدمان كلها أمور أربكت المجتمع لشبهها بمجالس الشراب كما سمعوا عنها، والمجتمع الموريتاني بطبعه شديد النفور من الخمر.
لذلك أفتى عدد من الفقهاء بحرمة الشاي، ولأنه أيضا "سفه ويشغل عن طاعة الله" حسب آرائهم، كما أن الأطباء التقليديين اعتقدوا ضرره على المعدة وصعوبة هضمه، خصوصا إذا كان على الريق.
وفي مقابل ذلك، أفتى عدد من العلماء بحليته واستطابوا شربه، معتبرين أنه معين على العبادة والتعلم، بينما سكت عنه آخرون لغياب دليل شرعي يحلله أو يحرمه.
ولا يمكن لقضية بهذه الأهمية أن تغيب عن ساحة الشعر لا سيما في موريتانيا، فأغلب المتعلمين شعراء يناقشون المسائل العلمية بالمطارحات الشعرية.
ومن الفقهاء الذين لم يحبوا شرب الشاي، الشيخ محمد حامد ابن آلافي، حيث قال:
إني لأكرهه ما إن آلته كاس وما منه فيه صب إبريق
ما أنما الشرب مقدار ثلاث زجاجات لهن من الإبريق تدفيق
ما أنه بيد الساقي يكون له بين الأواني قبيل الشرب تصفيق
ما أنه ليس يغني المرء من عطش ولا من الجوع يغني وهو موموق
فكل ذا دل أن الأصل فيه محاكاة الندامى بشرب فيه تنميق
غير أن الأكثرية لم يروا به بأسا، وتباروا في مدحه والإشادة به، ومن ذلك قول ابن حبيب الرحمن:
ومعتقٍ.. باكرتُ.. عند المطـلعِ والشمس بادية السنا لم تطلعِ
فسعيتُ فيه بحيلتي حتى أتى جبر الخواطر كالعصير المنقعِ
وتنازعته حلاوةٌ ومرارةٌ كلتاهما عن شأوها لم تنزعِ
كما يزخر الزجل الحساني بمساجلات على الشاي، وقصائد في المفاضلة بين أنواعه أو "الورقة" التي تنوعت أشكالها وتعددت أسماؤها في الآونة الأخيرة، حتى لم يعد يمكن التمييز بينها.
 

.

 
المزيد في اخبار وتقارير
  شدد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي اليوم الأربعاء، على أن قرار الحكومة بشأن حصر السلاح حاسم ونهائي. وأكد عبر X، ألا عودة إلى الوراء في هذا القرار. وتابع أن قرار
المزيد ...
   العازبات في سويسرا لا يحق لهن الانتفاع من عملية التبرع بالحيوانات المنوية، بموجب القانون. Keystone في سويسرا، يحرم القانون النساء العازبات من الانتفاع من عملية
المزيد ...
    دبي 25 يوليو 2025   في خطوة تعكس تنامي الدور القيادي لدولة الإمارات على خارطة الرياضات القتالية العالمية، أعلن الشيخ محمد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، رئيس
المزيد ...
تستضيف محافظة جدة، الخميس المقبل، حفلًا غنائيًا يجمع المطربين اللبنانيين إليسا ووائل جسار، وذلك على مسرح عبادي الجوهر أرينا، ضمن فعاليات موسم جدة 2025، بتنظيم من
المزيد ...
 
 
أختيار المحرر
بودابست - انطباعات زائر الحلقه الاولى
بانوراما الأداء الجنسي للرجال.. أسباب تراجعه وكيفية الحفاظ عليه
أحمد سويد ينحت معالم المكلا ليصبح هو من معالمها!
من التهام الطعام بسرعة إلى الإضافات الضارّة بالقهوة.. خبراء: 6 عادات صباحية تمنع إذابة دهون البطن
آخر الأخبار
الأكثر قراءة
مقالات
    المتابع والمتأمل الجيد للمشهد الاقتصادي في عدن والمناطق المحررة يدرك أن الأوضاع التي نشكر عليها
    في البداية تخوف الجميع من أي ارتداد قد يحدث في سعر صرف العملة المحلية، في ظل عدم نشر خطة إصلاحات
    هنا.. وليس في أي مكان آخر، الأمر مختلف تماما. دول كثيرة، سبقتنا بآلاف السنين الضوئية، لم تصل إلى ما هي
    عشر سنوات من الحرمان، من الذل، من العوز.. شعب مغلوب على أمره، تضور جوعا، وعانى الأمرين. تمت مصادرة حقه
    ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية في سعر صرف الريال اليمني أمر محير للغاية، ومخالف لجميع ابجديات
اتبعنا على فيسبوك
جميع الحقوق محفوظة لـ [أنباء عدن-إخباري مستقل] © 2011 - 2025