الأحد 07 سبتمبر 2025 06:03 مساءً
البطولة الحقيقية هي صرف الرواتب..
قرأتُ في فيسبوك ما يمكن اعتباره محاولة لتقديم المعبقي في صورة "حامي الحمى" المكافح حفاظًا على العملة الوطنية، استنادا إلى رفضه أوامر بن بريك الخاصة بصرف الرواتب المتأخرة للجيش والأمن وغيرهم من الموظفين منذ أكثر من ثلاثة أشهر ونصف.
ومن الواضح أنه ليس من المنطق تجويع الناس تحت ذريعة بطولة زائفة ظاهرها الحفاظ على العملة، بينما حقيقتها إطالة أمد معاناة العسكريين وأسرهم، فجميعنا نعلم أن الجندي لا يملك مصدر دخل سوى راتبه البسيط، وإن حاول الحصول على دخل إضافي فلن يجد سوى العمل بجهده البدني، وهو أمر غير ممكن لغالبية أفراد وضباط الجيش القدامى الذين أصبحوا في سن لا تسمح لهم بالعمل العضلي مهما كان بسيطًا.
إن البطولة على حساب الناس تبقى بطولة خاسرة، خاصة عندما يدرك المعبقي أو غيره أن الرواتب، إلى جانب كونها مصدر حياة، هي أيضًا حق واجب على الدولة تجاه مستحقيه، وإلا فإنها تفقد صفتها كدولة طالما أخلّت بواجباتها والتزاماتها القانونية.
وبدلًا من حالة التنافر التي بدأت تصل إلى وسائل الإعلام، ولو بشكل محتشم حتى الآن، يبقى من واجب مجلس القيادة الرئاسي أن يعمل على جمع البنك المركزي والحكومة على خارطة طريق موحّدة تحقق المصلحة الوطنية المزدوجة: الحفاظ على استقرار العملة وصرف المرتبات معًا.
فالقيادة والوزراء والبنك المركزي مطالبون مجتمعين بتحقيق التوازن بين استقرار العملة وصرف الرواتب، إذ لا يجوز أن يبقى الناس بلا مرتبات.
نحن ندرك صعوبة المهمة الملقاة على عاتقهم، ونعلم أن الوقت ليس وقت انفراد بالقرار أو البحث عن بطولات شخصية، بقدر ما هو وقت عمل جاد ومخلص لتحقيق مصلحة الوطن، التي جوهرها في الأساس مصلحة المواطنين.
لقد مرَّ شهر وأسبوع تقريبًا منذ بدء التعافي المحدود للريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وتحققت بعض الفوائد الناجمة عن التراجع الجزئي في الأسعار، لكن هذه الفوائد لم يلمسها معظم العمال والموظفين والعسكريين، لا سيما أولئك العاملين مع الدولة، إذ لم يتسلموا رواتبهم بعد، وبالتالي لم يجنوا أي فائدة.
وخلاصة القول: البطل الحقيقي هو من يتخذ قرار صرف المرتبات، فهذا هو الرصيد الفعلي الذي يُضاف إلى رصيد النجاح في ضبط سعر العملة.
أما ما عدا ذلك، فإن الجميع مقصرون، ولا يمكن أن ينجح أحدهم وهو مقصر في واجباته.