السبت 09 أغسطس 2025 05:53 مساءً
نُطفئ النور.. ثم نرجو الفجر!
هنا.. وليس في أي مكان آخر، الأمر مختلف تماما. دول كثيرة، سبقتنا بآلاف السنين الضوئية، لم تصل إلى ما هي عليه اليوم صدفة أو حظا. بل لأنها حرصت على فتح الأبواب أمام العقول النيرة والكوادر الأكاديمية المتميزة، ورأت فيهم مفتاح التقدم والاستدامة، لا عبئا يجب التخلص منه أو تهميشه.
في تلك الدول، يُقدر العلماء، و تُكرم العقول، وتُصنع السياسات في مراكز أبحاث لا في جلسات الثرثرة . تُدار المؤسسات بعقول ناضجة، ويُمنح القرار لمن يملكه فكرا، لا نسبا أو واسطة.
أما في بلدنا، فالصورة تُرسم بعكس الألوان.
الأكفاء من الأكاديميين، والعقول التي تُلف في الحرير وتُوزن بجرامات الذهب، لا مكان لهم في مراكز القرار، ولا نصيب لهم من الاهتمام أو حتى الاحترام.
بل تُفرش أمامهم العراقيل، وتُزرع في طريقهم خيبات متعمدة حتى يصلوا إلى حافة الإحباط واليأس، لا لذنبٍ اقترفوه، سوى أن عقولهم ترفض التصفيق للباطل، أو أن تبيع نفسها لكرسي أو لحزب.
بينما يُقرب البلداء، وتُمنح الصدارة لأنصاف المتعلمين، وتُدار البلاد بعقلية المناطقية أو الحزبية أو حتى السمسرة، لا من دوائر ومكاتب الدولة، بل من جلسات مقايل القات، حيث تُصاغ القرارات هناك، خالية من الحكمة، ومفتقدة لأبسط أسس الإدارة والمسؤولية.
فهل بهذا الأسلوب يمكن أن ينهض وطن؟
كيف لبلد أن يتقدم، وهو يحارب النخب ويقرب الجهلة؟ كيف ننتظر النور ونحن نكسر كل شمعة تنوي أن تضيء الطريق؟ الأوطان لا تُبنى بالهتافات ولا تُدار بالمجاملات. إنما تُشيد بعقول مخلصة، تُعطى مكانها الطبيعي، وتُحترم إمكانياتها.
وحتى يأتي ذلك اليوم، سيظل السؤال مطروحا على كل لسان مؤمن بالوطن:
متى نكف عن قتل الأمل بأيدينا؟ ومتى نصحو لنمنح العقول ما تستحق؟
فلا يُرجى فجر من وطن يُطفئ نوره بيده!