الأحد 20 يوليو 2025 09:21 مساءً
فهم المشكلة الاقتصادية.
.
فرحان المنتصر
استوقفتني فكرة كتبها أحدهم اليوم في فيسبوك، مضمونها مطالبة الحكومة بإصدار عملة جديدة بقيمة مرتفعة وبها يتحسن الوضع الاقتصادي للدولة وللمواطن حسب الفكرة.
هكذا تم تسطيح المشكلة حسب ما فهمت من المنشور، مع أن مسعد العبسي وهو رجل مبروك وعلى باب الله، وقبل نحو سبعين أو ثمانين سنة كان اقترح أن يتم زراعة السكر والملح والمحروقات من أجل الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، طبعًا عمنا مسعد لم يكن يجيد القراءة والكتابة لأنه جاء في زمن الجهل ولأنه شخص بسيط ومن أسرة بسيطة.
ينظر البعض إلى المسألة الاقتصادية وتعقيداتها بطريقة تخلو من فهم جوهر المشكلة التي يمكن شرحها ببساطة بضرب مثال من واقع الحياة.
يكون المرء غنيًا حين يكون لديه ما ينتجه وبيعه للمجتمع، منتج مادي أو خدمة، يعني المزارع منتج والصانع منتج ومقدم الخدمة منتج وكل منهم له دخل مختلف يحدد مكانته الاجتماعية في سلم الدخل والقدرات الشرائية.
إذا لا يوجد غني قرر أن يكون غنيًا فأصبح غني من دون أن يبيع منتج أو خدمة، إلا من يسرقون أو يتكسبون بشكل مخالف للقانون ولكن في آخر الأمر يحتاجون إلى عمليات اقتصادية ملموسة تبيض أموالهم قبل دخولها السوق.
وهذا يعني أنه ليس سهلًا الحفاظ على قيمة العملة الوطنية دون أن يكون للبلد منتج تصدره للعالم أو خدمة تقدمها، وبلادنا كانت تعتمد على تصدير النفط والغاز وقليل من المنتجات الزراعية ولا ننسى تحويلات المغتربين كموارد اقتصادية أصبحت ضعيفة أو منعدمة في ظل استمرار التزاماتها بالرواتب.
وتحكمنا اليوم دولة شبه عاجزة، ليس لها دخل وتعتمد على صفر موارد من العملة الصعبة، وتصرف رواتب الموظفين من بيع دولارات الوديعة السعودية، العبء الكبير على الوطن والأجيال القادمة.
التزامات الحكومة تجعلها تساهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية عندما تسعى إلى بيع دولارات الوديعة في مزاد البنك المركزي بأسعار كبيرة أمام الريال اليمني وهدفها الحصول على سيولة تكفي للرواتب وفي ذلك تدمير كبير للاقتصاد الوطني والأسري على حد سواء.
والحفاظ على العملة الذي هو حفاظ على قيمة الراتب يمكن تحقيقه من خلال جملة من الإجراءات أهمها عودة تصدير النفط وتشغيل الميناء، ميناء الحاويات كمحطة تبادل، وخفض النفقات وكذلك إيقاف مصروفات الحكومة في السفارات، وإلغاء رواتب القيادات العليا التي تصرف لهم بالدولار والسعودي.
تلك إجراءات ملحة.. ولكن هل تملك الدولة الحاكمة الآن القدرة والإرادة السياسية القادرة على ذلك..؟!