من نحن | اتصل بنا | الجمعة 06 يونيو 2025 04:52 مساءً

مقالات
الأربعاء 04 يونيو 2025 08:00 مساءً

حين انحنى ظهرها... وقفت أمي شامخة

 
 
الكلمة التي اشتقت لها كثيرا، وكنت أرددها في كل الأوقات، صباحا و مساء، دون ملل أو كلل...
كلمة لم تكن مجرد لفظ، بل كانت نبضا في وجداني، تتغلغل في أعماقي، وتسري في كل كياني...
كلمة تختصر الحياة، وتجمع الجمال، وتفيض بالحب والحنان في آن واحد...
ست سنوات مرت على غيابها، ومنذ ذلك الحين اندثرت الكلمة من قاموسي، لكنها ما زالت تسكن قلبي، ويتأجج الحنين إليها كلما نطقتها أو سمعتها...
 
إنها كلمة "أمي".
 
نعم... أمي التي رحلت عن دنيانا يوم الاثنين 17/6/2019، الموافق 14 شوال 1440هـ.
رحلت بجسدها، لكنها لم تفارق روحي، ولم تغب عن دعائي، ولا عن تفاصيل أيامي وذكرياتي.
 
أمي...
التي انحنى ظهرها من سهر الليالي على ماكينة الخياطة، ومن شقاء النهار في فلاحة الأرض، وتربية المواشي، وجلب المياه من الوادي.
كانت سندا لأبي، وعضدا له في تربية أبنائهما التسعة. فقدت أربعة في رحلة العطاء، وبقي خمسة.
أقسمت أن يكونوا متعلمين، بارزين، ملتزمين، يُشار إليهم بالبنان، مهما عانت أو كابدت من مشقة. وقد كان لها ما أرادت.
 
قست عليها الحياة، لكنها ما اشتكت يوما، ولا تذمرت... بل صبرت، وواجهت، وابتسمت، وصمدت.
إذا نظرت إليها في أواخر أيامها، وهي منحنية الظهر، عرفت كم عانت وتحملت.
رحمها الله...
حتى الجبال الشامخة التي تحيط بقريتنا، كانت تخجل من صبرها، وتستلهم من عزيمتها.
 
بعد صلاة الفجر...
تجهز جاري حمارها، وترافق أبي، رحمهما الله، لتنطلق مع أول خيوط الشمس إلى الأرض...
تسقي الزرع، وتحش الحشائش، وتنقي التربة من النباتات الضارة، وتشارك في حراثة الأرض وبذر البذور، وتطلق الأغنام لترعى حتى تشبع.
أيام الحصاد الشاقة رسمت ملامح التعب على وجهها، وأسمرت بشرتها، لكنها لم تتراجع، ولم تلن لها عزيمة.
 
في منتصف النهار تعود لتطعم أبناءها، ثم تعاود الخروج بعد الظهيرة، لجلب المياه الصالحة للشرب من الآبار البعيدة بين الجبال.
 
وليلا...
كانت تسهر على ماكينة الخياطة، تخيط ثياب النساء، وتكسب ما يعين به الأسرة على متطلبات الحياة.
لم أسمعها تعارض أبي يوما، كانت تردد دوما: "إلا سمعًا وطاعة"، لا تنام حتى ينام، ولا تأكل حتى يأكل، ولا ترتاح حتى يرتاح.
 
ولا أنسى فضلها على أبناء القرية...
كانت تملأ "الزير" بالماء فجرا، لتروي عطش طلاب المدرسة الذين يأتون من قرى بعيدة.
ذاع صيت الزير باسمها، وتذكره أجيال من القيادات والكفاءات الذين تخرجوا من مدرسة قريتنا ، جعل ذلك في ميزان حسناتها بإذن الله.
 
رحلة حياتها كانت شاقة، مريرة، لكنها كانت مغمورة بالحمد، والشكر، والرضا بما قسمه الله.
شاركت في كل مناسبات القرية، أفراحها وأتراحها، واقفة دوما في الصفوف الأمامية، تحمل عدتها، وتقوم بدورها بكل حب وتفان وإخلاص.
 
رحمها الله أمي...
التي مهما كتبت عنها، ومهما قلت ، فلن أوفيها حقها.
 
اللهم اغفر لأمي، وارحمها رحمة واسعة، واجعل قبرها روضة من رياض الجنة، واملأه نورًا ورضا وسرورا، واجزها عنا خير الجزاء، كما ربت وتعبت وضحت، واجمعنا بها في مستقر رحمتك، يا أرحم الراحمين.

 
 
أختيار المحرر
أحمد سويد ينحت معالم المكلا ليصبح هو من معالمها!
من التهام الطعام بسرعة إلى الإضافات الضارّة بالقهوة.. خبراء: 6 عادات صباحية تمنع إذابة دهون البطن
"جوجل" تحذّر: الذكاء الاصطناعي يمكنه "تدمير البشرية" في هذا التوقيت
العلماء يلقبونه بـ "قاتل المدن".. كويكب قد يصطدم بالقمر في هذا الموعد
آخر الأخبار
الأكثر قراءة
مقالات
    الكلمة التي اشتقت لها كثيرا، وكنت أرددها في كل الأوقات، صباحا و مساء، دون ملل أو كلل... كلمة لم تكن مجرد
 المسافر من عدن الى صنعاء يمر بثلاث دول ترفع ثلاث رايات الاول علم الجنوب مرفوع من عدن الى سناح فقط، الثاني
    أ.د مهدي دبان   لا يهمنا من يتخذ القرار، ولا كيف يتخذه، ولا ما هي أهدافه النهائية… طالما أن
  ملخص غير أن المأزق الحقيقي لا يكمن فقط في غياب الدولة، بل في تغييب فكرة الدولة ذاتها، واستبدال شبكات
  كم أصبحت هذه العبارة تستفز  الناس ، بعد أن غدت اسطوانة قيادات المجلس الانتقالي في حلهم وترحالهم هذه
اتبعنا على فيسبوك
جميع الحقوق محفوظة لـ [أنباء عدن-إخباري مستقل] © 2011 - 2025